الأحد، 5 أكتوبر 2008

الليلة الأخيرة



الوقت...
وجه الشمس يغرق فى الغسق ْ
وحبيبتى وأنا
كعادتنا على أحراش دجلة نلتصق ْ
نتجرع الأحلام
نتشح الأمان
نحاور القمر الذى ملأ الأفق ْ
نتدارس الماضى
ونرجع فى صفاء ما سبق ْ
ومع النسيم يهب
كنا نترك الأرض الحزينة
والمليئة بالقلق ْ
وإلى العوالم ننطلق ْ
ونطوف بين مدائن النشوات
فى فرح الصغار ونقتحم ْ
عتباتها
ولأنها كانت تحب الشعر مثلى والنغم ْ
أسكرتها غزلا بشعرى
كلما أسمعتها للشعر كانت تبتسم ْ
وتقول :
زدنى يا أمير الشعر
يا رب القلم ْ
يا فارسى فى وجه هذا الكون
فى وجه السقم ْ
الوقت ليل
والسكون يطل من كل الربوع بلا ملل ْ
وحبيبتى وأنا
نعانق صمتنا
وندور فى فلك الغزل ْ
بالطبع لم نك صامتين حقيقة
بالطبع
كان لنا حديث بالمقل ْ
فالبدر فى أفق السماء سميرنا
يدنو ويبعد كالأمل ْ
فأطل منى فى عيون حبيبتى
وأرى بعينيها انعكاس الضوء
فوق الماء
عشقا أشتعل ْ
وأكاد من حبى يفاجئنى الأجل ْ
ورأيتها..
وأنا بتلك الحالة النشواء
تهرب من عيونى فى خجل
ورأيتها ..
طيف الهموم كسى ملامحها
كأن - وفجأة - قد صار طالعها زحل ْ
حين اندهشت
وقلت عمرى ما حصل ْ ؟
نظرت إلى عيونها
والخوف يبدو فى المقل ْ
وبرعشة لا تحتمل ْ
قالت أتعرف يا حبيبى
قد حلمت الأمس حلما مؤلما
بل كان كابوسا وشيئا من علل ْ
جيش المغول يعود ثانية .. رأيت
وكنت عنى ترتحل ْ
ورأيت هولاكو يمزق سترتى
وجريت عنى هاربا خلف الجبل ْ
طمأنتها ..
أطفأت جمرة خوفها
ولهيب خوفى من ضلوعى يشتعل ْ
قد كان نفس الحلم
حين حلمته بالأمس أيضا
قلت : ما هذا الخبل ؟
ورجعت أضحكها
وتضحكنى
ونفس الخوف فينا لم يزل ْ
الوقت ...
ما بعد السحر ْ
وحبيبى وأنا
تحاصرنا الفكر ْ
الفجر ينظر من بعيد - فى شجون - نحونا
كالنظرة الحزناء هذى ما نظر ْ
ونظرت نحو حبيبتى فإذا بها
شعرت بما أحسسته
وتبينت مثلى لمضمون الخبر ْ
بدأ الآذان
إذا بصوت من أزيز يبتدر ْ
الصوت يقرب
والاذان يكاد فى صوت الأزيز
يذوب
والأجواء يملأها الضجر ْ
بى أمسكت
وبصرخة قالت :
أتى جيش المغول المنتظر ْ
جرد حسامك - يا حبيبى - واحمنى
ادفع حبيبى الخوف عنى والخطر ْ
أما أنا
فجريت خوفا
عندما أبصرت هولاكو ظهر ْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق